أرشيف وزارة الداخلية يحمل آلاف التفاصيل عن حكايات وأسرار لأمراء وملوك وسياسيين وقادة وإعلاميين تورطوا في ارتكاب أعمال مخالفة للنظام العام ومنافية للقانون، إحدى هذه الحكايات حدثت في عام ٢٠٠٣، أثناء تجهيز السفارة السعودية لبعثة الحج، استغل أمير سعودي علاقاته داخل القنصلية وخارجها، وزور مئات التأشيرات لبيعها لصاحب شركة سياحية وبيعها للمتقدمين لأداء الفريضة.
تفاصيل الواقعة بدأت بتلقي مباحث الأموال العامة والأمن الوطني عدة بلاغات من مواطنين مصريين بحصولهم على تأشيرات حج مزورة يتم بيعها داخل إحدى شركات السياحة وممهورة بختم القنصلية السعودية بالقاهرة.
دارت شكوك أجهزة الأمن في البداية حول ضابط بقطاع الشئون الإدارية التابع للوزارة، يتولى الإشراف والتنظيم المباشر لبعثة الحج، فكلف اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية آنذاك، مدير مباحث الشئون الإدارية بالوزارة، بسرعة فحص الواقعة وكشف غموضها.
وتولى اللواء أسامة إسماعيل والذي كان يعمل حينها وكيلا لإدارة مباحث الشئون الإدارية بالوزارة عملية البحث ووضع خطة استهدفت مراقبة أصحاب شركات السياحة التي روجت للتأشيرات واستجوابهم، واعترف أحد المشتبه بهم بحصوله على التأشيرات من أمير سعودي يدعى محمد عبدالعزيز السلكاوي له علاقات واسعة بالقنصلية، ويقوم باستخراج وختم التأشيرات المزورة لبيعها.
وأخبر صاحب شركة السياحة ضباط المباحث بمكان وموعد تسليم وتسلم عدد ٢٠٠ تأشيرة من الأمير السعودي في الساعة الثالثة من فجر أحد الأيام في ذلك الوقت، وأمر اللواء حبيب العادلي بضبط المتهمين فتم عمل كردون أمني لتضييق الخناق عليهم.
وعلم الضباط أن الأمير السعودي يستقل سيارة هيئة دبلوماسية وهو الأمر الذي يعيق عملية ضبطه، إلا أن "العادلي" كلف القوات بأن تشير إلى صاحب شركة السياحة بضرورة استدراج الأمير السعودي مترجلاً بعيدا عن السيارة وعدم استلام التأشيرات منه داخلها وتم تنفيذ الخطة، وبمجرد أن نزل الأمير السعودي من السيارة وهم ّ بتسليم التأشيرات المزيفة، اقتحمت القوات الموقع وألقت القبض على الأمير متلبسا، واتخذت الأجهزة الأمنية اجراءاتها بتعليمات مباشرة من النائب العام المصري وبالتنسيق مع السفارة السعودية في ذلك الوقت.